السبت، ٥ فبراير ٢٠١١

والسمع والطاعة للأئمة وأمير المؤمنين البرّ والفاجر

قال الإمام أحمد ـ رحمه الله ـ
والسمع والطاعة للأئمة وأمير المؤمنين البرّ والفاجر ، ومن ولي الخلافة ، واجتمع الناس عليه ، ورضوا به ، ومن غلبهم (1) بالسيف حتى صار خليفة ، وسُمي أمير المؤمنين .

(1) : في نسخة : عَلِيَهُم


الشرح
لفضيلة الشيخ ربيع بن هادي المدخلي ـ حفظه الله ـ


السمع والطاعة لأمير المؤمنين برّهم وفاجرهم ، من اجتمعت عليهم الأمة ، وصل إلى مرتبة الخليفة ؛ وصل بالسيف ، خرج على إمام قبله وتغلّب عليه ثم قامت دولته لا يجوز الخروج عليه ؛ لأنك إذا خرجت عليه مرة ثانية تخرج مرة ثالثة وتخرج مرة رابعة وتصبح الأمة في صراع من خارج إلى خارج ، لا ، الأصل لا يجوز الخروج ، فإذا سلّط الله على هذا الإنسان من خرج عليه وانتصر على دولته وقام على أنقاضه دولة جديدة ، فيجب أن يقف المسلمون عند هذا الحد ويسلمون القياد لهذا المتغلّب .
وهذا المتغلب سواء جاء عن طريق الاختيار والشورى والبيعة ، أو جاء عن طريق الغلبة وصل إلى الإمارة بالسيف وأصبح له شوكة وأصبح له قوة ـ بارك الله فيكم ـ يجب أن تسلم يجب أن تسلم له ، وتحقن دماء المسلمين ، فهذا سواء كان برّا أوكان فاجرا تجب له الطاعة .
وانظر إلى الإمام أحمد وانظر إلى البخاري ، وانظر إلى أئمة الإسلام جميعا يجعلون هذا أصلا من أصول الإسلام : ( طاعة ولاة المسلمين أصل من أصول الإسلام ) . وسواء كان برّا أو فاجرا .
الخوارج والروافض وغيرهم قد يوافقونهم إذا كان برّا ، وقد لا يوافقونهم .
إذا كان أبو بكر ليس برّا عند الروافض وعمر كذلك ليس برّا عند الروافض وعلي ليس برّا عند الخوارج ، لكن الصفات في العموم لا يخالفون فيها كونه برّا ؛ لكن يخالفون في الفاجر . الخليفة الفاجر الجائر الظالم الفاسق هذا ما دام لم يخرج من دائرة الإسلام فلا يجوز الخروج عليه بحال من الأحوال ، وورد في ذلك أحاديث كثيرة ، منها : " بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في العسر واليسر والمنشط والمكره ، وعلى أثرة علينا وألا ننازع الأمر أهله حتى تروا الكفر البواح " فلا يجوز الخروج عليه مهما بلغ من الفسق .
وكما في حديث أم سلمة :" إنه يُستعمل عليكم أمراء فتعرفون وتنكرون ، فمن أنكر فقد سلم ومن كره فقد برئ ، ولكن من رضي وتابع " .
قالوا : أفلا نقاتلهم يا رسول الله ؟ قال : " لا ، ما صلّوا " فما داموا يصلون فلا يجوز الخروج عليهم ، كيف إذا كان يصلي ويصوم ويزكي ويحج ، ويؤمّن كل هذه الأمور للمسلمين ويؤمّن لهم الطرق وإلى آخره ، كيف هذا ؟ !
أين نحن الآن من الثوريين الموجودين الآن ؟ أين هم من قوله :" لا ، ما صلّوا " ؟ الرسول ينهاهم " لا ، ما صلّوا " ، مع أنهم فرطوا في كثير من الإسلام وقال :" لا ، ما صلّوا " لا ، ما قال : لا ما أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وحجّوا ..وإلى آخره ، قال : " لا ، ما صلّوا " ؛ لماذا ؟ لأن الخروج يترتب عليه مفاسد ، ضياع الإسلام ، وضياع المسلمين ، وإهلاك الأمة ، وإهلاك الحرث والنسل ، وانتهاك الأعراض ،وإذلال المسلمين وإضعافهم ، حتى يصبحوا لقمة سائغة لأعدائهم ، إذا خروج ، بعد خروج ، بعد خروج ...
الآن يا إخوة هؤلاء الثوريون قامت لهم دول عن طريق الإنقلابات وعن طريق الانتخابات وعن طريق كذا وكذا ،ماذا صنعوا ؟ ماذا حقّقوا من الشعارات هذه ؟ من أبعد الناس عن تطبيق الشريعة الإسلامية ؛ بل يزيدون على الحكام الآخرين المنحرفين بعقد مؤتمرات وحدة الأديان وتشييد الكنائس وتقريب النصارى وإذلال المسلمين وإفقارهم وإهلاكهم في دينهم ودنياهم ، والله وصلوا بالانتخابات ووصلوا بالانقلابات ووصلوا بشتى الأمور ، وشاركوا في وزارات ، كلّه كلام فارغ ، ما تميزوا على غيرهم في شيء .
إذن لا تثق في هؤلاء ، هؤلاء همّهم الوصول إلى الكراسي بأي حال من الأحوال ، ثم بعد ذلك يديرون ظهورهم إلى الإسلام ! كما جرّبتم وعرفتم ، هنا وهناك في بلدان كثيرة ثم أحيانا يأتون بانقلاب باسم الإسلام فينقلب عليهم شيوعي أو أي منهج ضال آخر .
إذن الحكمة فبتوجيهات هذا الشارع الحكيم الرحيم الرؤوف الشجاع البطل والذي يربي الأمة على الشجاعة ، لكن في هذا الباب يقول لهم : اصبروا مهما رأيتم ، إلا الكفر .
هنا أحاديث أسوقها لكم حتى تسجّل :
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء كلما هلك نبي خلفه نبي ، وإنه لا نبي بعدي ، وستكون خلفاء فتكثر " قالوا : وما تأمرنا ؟ قال :" فوا ببيعة الأول فالأول وأعطوهم حقّهم ، فإن الله سائلهم عمّا استرعاهم " كيف إن الله سائلهم عما استرعاهم ؟ ما قال : حاسبوهم ، ثوروا عليهم ، أخرجوا ، خذوا حقّكم لأن بعض الثوريين من كبارهؤلاء الثوريين يقول : ما ننتظر الفرج يأتينا من السماء ، لابد أن نأخذ حقّنا بأيدينا ، أيها الجماهير خذوا حقكم بأيديكم ، إنه لن تمتد إليكم أي يد بهذا الحق .
لا غيرة على دين الله وعلى الأمة ، وأغيرالناس محمد صلى الله عليه وسلم ، قال لسعد : والله أنا أغير منك ، والله أغير مني " لما قال سعد : أرأيت إذا وجدت رجلا مع زوجتي آتي بأربعة شهود ، والله لأضربنّه بالسف غير مصفح ، قال :" أتعجبون من غيرة سعد ، والله لأنا أغير منه ،والله أغيرمني من أجل ذلك حرّم الفواحش " ، فالرسول غيور على دين الله ، وغيور أن تتفشّى المنكرات والفواحش ، أغْيَرُ منّا .
ومع ذلك يقول :" أعطوهم حقّهم فإن الله سائلهم عمّا استرعاهم " لست أنت الذي تحاسبه ، انصحه بالمعروف ، إن سمع وإلا أديت واجبك وعليك بالصبر ، ما دام يصلي ، نحن لا نقول هذا من عند أنفسنا ، لكن هذه ثقيلة على مسامع هؤلاء وشاقة على نفوسهم (( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكّموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلّموا تسليما )) [ النساء : 65 ] . ينادون بالحاكمية ثم لا يحكّمون الله ولا يحكّمون رسول الله ، أهل البدع يقولون بالحلول ووحدة الوجود ويكفّرون الأمة ويقولون بخلق القرآن لا يحكّمون حكم الله ، ولا يرضون الرجوع إلى حاكمية الله في مثل هذه القضايا ، فهم من أبعد الناس ، لا حكم إلا لله ، لا حكم إلا لله ، وهم من أشد الناس تمرّدا على حاكمية الله وعن الاحتكام إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام ، هذه الأحاديث ، هذا لعب ؟ عندهم هذا تأييد للكفار والملاحدة !
ثم عن زيد بن وهب عن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنها ستكون بعدي أثرة وأمور تنكرونها " أثرة ، يستأثر بالأموال والمناصب ولمن يؤيدونه ومن أنصاره وحاشيته وأقربائه ويبقى الناس في فقر ، ما يصنعون ؟ هذا ظلم هذا حكم بغير ما أنزل الله ، ماذا يقول الرسول الذي أنزل الله إليه (( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون )) [ المائدة : 44 ] ، ماذا يقول فيه الرسول صلى الله عليه وسلم ؟
أنتم أعرف بكتاب الله وأعرف بدين الله من رسول الله ومن صحابته الكرام ومن أئمة الهدى في كل زمان ومكان ؟
" وإنها ستكون بعدي أثرة وأمور تنكرونها " أمور لا يعلمها إلا الله عزوجل ، قالوا : يا رسول الله كيف تأمر من أدرك منّا ذلك ؟ قال : " تؤدّون الحق الذي عليكم وتسألون الله الذي لكم " ما تذهب تصادم وتعمل مظاهرات ، هل في الإسلام مظاهرات ؟ إذا قصّرفي الماء انقطع يوما قامت المظاهرات ، الآن الدول تعطي وما تأخذ ، أكثر الدول الآن تعطي للشعوب وما تأخذ منهم إلا القليل أما هؤلاء يأخذون ويستأثرون بالمال ما يعطون شيئا ويفقرونها لأنه إذا قال : اخرجوا هلكت الأمة ، فما بقي إلا أن يرشدهم إلى التعقّل والحلم والصبروالتريّث من أجل الحفاظ على الإسلام وحقن دماء المسلمين وصيانة أعراضهم " تؤدون الحق الذي عليكم " أدّوا الحق الذي عليكم " وتسألون الله الذي لكم " . وقال للأنصار :" إنكم ستلقون أثرة بعدي " الأنصار الذين قاتلوا معهم تبوّؤوا الدار والإيمان جاهدوا وناضلوا وفتحوا الدنيا ، ماذا قال لهم ؟
الآن جاء ناس يقطفون ثمار جهد الأنصار والمهاجرين ، أسلم كثير منهم بعد الفتح ، منهم أبو سفيان ومعاوية وجاء أولادهم ـ بارك الله فيكمـ استأثروا بالأموال هذه ، معاوية رضي الله عنه ما ندخله في هؤلاء لكن بنو مروان حصل عندهم ظلم ، وحصل عندهم شيء من الاستبداد وكانوا يؤخّرون صلاة العصر ويؤخّرون الصلاة عن أوقاتها ، وحصل عندهم خلل ، ومع هذا أدركهم الصحابة وكانوا يصبرون ، وجاءوا إلى أنس وقالوا : الحجّاج يفعل ويفعل ويسفك الدماء وينهب الأموال ويفعل ويفعل ، أشد من الحكام الآن الحجّاج ، هؤلاء عندهم الأنظمة سواء من الشرق أومن الغرب ، لكن هو فوضوي يحكم بهواه فقط ، يسفك الدماء . قال : اصبروا لا يأتي عام إلا والذي بعده شرّ منه ، أمرهم بالصبر، أخذ بتعليمات الرسول وتوجيهات الرسول التي يعرفها .
وعن علقمة بن وائل عن أبيه قال : سأل سلمة بن يزيد الجعفي رسول الله فقال : يا نبي الله أرأيت إن قامت علينا أمراء يسألوننا حقهم ويمنعونا حقّنا ، فما تأمرنا ، فأعرض عنه ، ثم سأله فأعرض عنه ، ثم سأله فأعرض عنه . سؤال خطير ما يحبّه ، سؤال صعب ، ماذا يقول له الرسول عليه الصلاة والسلام فجذبه الأشعث ابن قيس وقال :" اسمعوا وأطيعوا فإنما عليهم ما حمّلوا وعليكم ما حمّلتم " قد يفهم القارئ من هذا القول أنه من قول أشعث بن قيس ، فلو فُرض أنه قول الأشعث فقد أقرّه رسول الله ، وأنتم تعلمون أنّ السنة قول الرسول وفعله وتقريره ، ولكن جاء من طريق أخرى بعد هذا قال رسول الله :" اسمعوا وأطيعوا فإنما عليهم ما حمّلوا وعليكم ما حمّلتم " كيف أمراء يسألونا حقّهم ويمنعونا حقّنا ، والرسول يعرض كلّ ما سأله ، ما أعجبه هذا السؤال ، لأنه يؤدي إلى الفتن فقال : " اسمعوا وأطيعوا فإنما عليهم ما حمّلوا وعليكم ما حمّلتم " .
وحديث أم سلمة :" لا ، ما صلّوا ، تعرفون وتنكرون فمن عرف فقد برئ ومن كره فقد سلم ولكن من رضي وتابع " فأنت إذا أنكرت بقلبك ، قال مسلم بعده : " من كره بقلبه وأنكر بقلبه " . فجعل مسلم الإنكار بالقلب والكراهية بالقلب ، عرفتم هذه حال .
حديث آخر :" من رأى منكم منكرا فليغيره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه ، وإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان " ، الآن العالم مثلا ما ينكر بعض الأشياء إما خائف إما شيء آخر ، لكن كره بقلبه ، عميل جاسوس مجامل مداهن إلى آخر الاتهامات التي والله ما أخذوها إلا عن الشيوعيين ، هذه أساليب ليست أساليب مسلمين ، هذه أساليب الشيوعيين والثوريين والبعثيين والقوميين والأحزاب الضالة ، كيف يقبل بها الشاب المسلم ، علماء الإسلام وأهل الحق وأهل السنة والجماعة المتمسّكون بتوجيهات الرسول الكريم مثل هذه ومثل تقريرات أئمة الإسلام ، مثل مالك والشافعي وأحمد بن حنبل وغيرهم الأوزاعي والثوري ، كل هؤلاء عاصروا يعني حكومات عندها أخطاء وعندها انحرافات ، وأصلا ماذا جرى في عهد الإمام أحمد ؟ دولة تعطيل الصفات ، إلى مذهب جهم ، مذهب جهم عندهم كفر ، القول بخلق القرآن كفر عند أحمد وعند أهل الحديث في ذلك الوقت ، كانت الحكومة تدعو إلى الكفر مع ذلك يريدون أن يخرجوا فيأبى الإمام أحمد ، وقال : " هذا فيه فساد وفيه ضرر على المسلمين " ، فزجرهم ، كيف أحمد جبان ؟ أحمد عميل ؟
السلف الذين أخذوا بهذه الأدلة وقاوموا الخوارج وقاوموا أهل الفتن من المعتزلة وغيرهم عملاء وجواسيس ؟ يعني والله يحاربون أهل السنة بأساليب الشيوعيين والبعثيين والقوميين والأحزاب الملحدة ، فكيف تستخدم هذه الأساليب في حق المسلمين وكيف لا تأخذون بهذه الأدلة ؟ ولم لا تعذرونهم وعندهم هذه الأدلة ؟ أنا الآن لا أريد أن أخرج أرى أن الحاكم كفر الكفر البواح ، أنا ما كفّرت ، أنت ذهبت مذهب الخوارج وكفّرته ، أتركني في حالي أخي لا تهنّي يا أخي ، أنت يجب أن تسمع لقول الرسول صلى الله عليه وسلم :" ما أقاموا الصلاة " ، " ما صلّوا " ، " حتى تروا كفرا بواحا " .
الآن ما عرفنا عالما معتبرا ، قال يعني في بعض الحكام يعني الشيخ ابن باز تعرفون أنه كفّر بعض الحكام ، وبعض العلماء كفّر بعض الحكام منهم يستحق التكفير ، لكن بعض الحكام ما يزال في دائرة الإسلام وإن انحرفوا في دائرة الإسلام ما أحد كفّرهم .
هل هناك مثلا عالما معتبرا من أهل السنة من أنزه الناس قال بكفر فلان وفلان من الحكام الآن ؟ ما نجد إلا السفهاء والجهلة وأحلاس المعتزلة والخوارج هم الذين كفّروا ، الذي يكفّر الحكام والشعوب ، والذي يكفر الحكام والجيش ، كلها مستمدة من مدرسة سيد قطب ، الذي هدّم أصول السنة ، وتعلق بأصول أهل الضلال جميعا ما من أصل فاسد إلا تبنّاه سيد قطب وما من أصل من أصول أهل السنة إلا وهدمه ، ومنها تكفير الأمة ، ومنها الأصل الذي ينبني عليه هذا التكفير أنّ الإيمان لا يزيد ولا ينقص ، الإيمان إما إيمان مائة في المائة وإما كفر ، فقط إيمان كفر، أما إنسان عنده معاص إذا أطاع مشرّعا في جزئية فقد كفر وخرج من دائرة الإسلام نهائيا .
الخوارج وصلوا إلى هذا الحد ؟ فنحن نأمل من الشباب أن يتفقهوا .

الآن تستخرج النصوص والأدلة وتبين ضلال هذا الرجل ما يقبلون منك ، ما يقبلون منك الحق ، أبوا أن يبحثوا عن الحق يا إخوة ، أبوا أن يقفوا موقف العقلاء من هذه الفتنة التي ضربت أطنابها في مشارق الأرض ومغاربها وحيّرت شباب الأمة وبلبلت عقولهم ، وضربت بعضهم ببعض ، وغرست العداوة والبغضاء ، ما يريدون أن يتبصّروا ويدرسوا الأمور ، ويعرفون من يقودهم وما هم منهجه ، وماهي عقائده وماهو فهمه للإسلام ، لا يريدون هذا ، لا يريدون هذا ، (( جعلوا أصابعهم في آذانهم واستغشوا ثيابهم وأصرّوا واستكبروا استكبارا )) [ نوح : 7 ] .
والله يا إخواني سلكوا هذه المسالك السيئة ، فنحن نقول هذا الكلام وإن كان فيه قوة حتى يستيقظوا إن كان عندهم عقول ، وإن كان عندهم احترام لنصوص القرآن والسنة ولفهم السلف الصالح ، عليهم أن يتعقّلوا في هذه الأمور العظيمة الخطيرة التي وصلت فيها الأمة إلى درجة لم تصلها من قبل على يد سيد قطب وأتباعه .
نحن الآن ركّزنا على هذا الأصل لما يحيط به من الفتن واحفظوا هذه النصوص ، فإننا ندين الله بها إلى أن نلقاه ، ولا يمكن أن يجرّنا صاحب هوى ولا صاحب انحراف إلى خلاف هذا المنهج .



المصدر :
شرح أصول السنة للإمام أحمد بن حنبل ـ رحمه الله ـ
لفضيلة الشيخ ربيع بن هادي المدخلي ـ حفظه الله ـ ( ص : 71 ـ 80 ) .

هل من خصائص الاسلام القيام بالانقلابات و الثورات؟


يقول السائل :
هل من خصائص الاسلام القيام بالانقلابات و الثورات و هل هي من الجهاد في سبيل الله التي دعا اليها ديننا الاسلامي؟

جواب الشيخ:لو كان السؤال هل الفوضى و مسببات سفك الدماء بغير حق من الاسلام؟
(...)
تكملة لسؤال الانقلابات و الثورات هذه الاعمال من أشد ما فشت في البلاد الاسلامية و اذا نظرنا الى الكفار, فمثلا دولة اليهود وهي مجمعة من كل اطراف الدنيا لم يوجد فيها انقلاب في يوم من الايام, الدول الكبرى الشرقية و الغربية لم نجد فيها انقلاب أو ثورات و ما زالت, لا يقوم بالثورات و الانقلابات الا من لا يهتم بمصالح أمته و لا يرعى ذمتها فهي من أسباب (...) الأمة و زرع الاحقاد و سفك الدماء و تسليط الأعداء, الشر فيها غالب و الخير إما أن يكون ضئيلا قليلا و إما ان يكون معدوما
وأول انقلاب وجد بالنسبة للمسلمين الخروج على عثمان رضي الله عنه و قتله رضوان الله عليه و جميع الصحابة رضي الله عنهم مجمعون على فساد ذلك العمل و الواجب على كل مسلم أن يبرأ من هذه الأمور (...)
صلى الله عليه و سلم عنه ذلك و أمر بالسمع و الطاعة و نهى عن الخلاف و لما اجتمع علماء بغداد (...) و جاؤوا الامام احمد يريدون أن يتكلموا في حق الخليفة العباسي غضب عليهم و أنذرهم و شدد عليهم رضي الله عنه و أن عملهم عمل خطير منكر و الخير في اتباع السلف.
(...) كلمات غير مفهومة

المصدر من هنا.

كلما كره قوم خليفتهم خلعوه أو قتلوه

فتوى ابن عمر لعثمان بألا يخلع نفسه لئلا تتخذ عادة
...
ولقد دخل عليه ابن عمر، فقال "له عثمان: انظر ما يقول هؤلاء، يقولون: اخلع نفسك أو نقتلك. قال له "ابن عمر": أمخلد أنت في الدنيا؟ قال: لا، قال: هل يزيدون على أن يقتلوك؟ قال: لا، قال: هل يملكون لك جنة أو نارًا؟ قال: لا، قال: فلا تخلع قميص الله عنك، فتكون سنة، كلما كره قوم خليفتهم خلعوه أو قتلوه.

المصدر من هنا

أسباب النصر والتمكين ( في الماضي والحاضر)

الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون ، وكان من حكمته لكل نصر أسباب وشؤون ، ليميز الخبيث من الطيب ؛ فإما أن تكون على الهدى أو لا تكون . أنزل الكتاب ، وأجرى السحاب ، وهزم الأحزاب ، وجعل كيد الكافرين إلى تباب ، ونهايتهم إلى هلكة وعذاب ؛ وديارهم إلى تشتت وخراب ؛ لكن ... متى ؟ فاتعظوا يا أولي الألباب .
وصلى الله وبارك على محمد الذي أجهد بالدعاء نفسه قبل أن يشتد الوطيس ، وهيأ رجالاً ملأ الإيمان قلوبهم ؛ فكانت مرحلة الإعداد والتأسيس ، ثم اشتد على الكفار فلا ترى لهم حراكاً ولا يُسمع لهم حسيس .
أما بعد ؛
فما إن تمرّ بالمسلمين فتنة جديدة حتى تتعالى الصرخات وتكثر الآهات ؛ متسائلين عن أسباب النصر والتمكين ، وأين حماة الإسلام والمسلمين ؟!
وكلنا يعلم أن النصر من عند الله ، قال الله تعالى : { وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم } [ آل عمران : 126 ] .
إذن فلا يصحُّ أن يوجّه السؤال عن النصر إلا لمالك النصر .
والله سبحانه وتعالى بيّن لنا كل ما نحتاج إليه في ديننا ودنيانا في الرسالة التي أرسل بها نبيه محمد صلى الله عليه وسلم ؛ وهي الكتاب والسنة ، فبلّغ صلى الله عليه وسلم تلك الرسالة خير بلاغ ، ولم يقبضه سبحانه وتعالى حتى أكمل الدين ، قال عز وجل : { اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا } [ المائدة : 3] .
وأمرنا تبارك وتعالى بالتمسك بالكتاب والسنة علماً وعملاً فقال : { واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرّقوا } [ آل عمران : 103] .
وقال : { يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم } [ النساء : 59] .
وقال : { وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا } [ الحشر : 7] .
وقال عليه الصلاة والسلام : " كل أمتي يدخل الجنة إلا من أبى " ، قالوا : ومن يأبى يا رسول الله ؟ قال : " من أطاعني دخل الجنة ، ومن عصاني فقد أبى " أخرجه البخاري .
والآيات والأحاديث في هذا المعنى كثيرة .
وحذرنا سبحانه من مخالفة أمر النبي صلى الله علي وسلم فقال : { فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم } [ النور : 63 ] .
وقال : { ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نولّه ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا } [ النساء : 115 ] .
إذا فلا بد من الرجوع إلى شرع الله لمعرفة أسباب النصر والتمكين وللوصول إليها .
قال سبحانه وتعالى : { ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور } [ الحج 40 41 ] .
قال الشيخ ابن عثيمين في مجلس من " مجالس شهر رمضان " :
" وفي هاتين الآيتين بيان الأوصاف التي يُسْتَحَقُّ بها النصر , وهي أوصاف يتحلى بها المؤمن بعد التمكين في الأرض ، فلا يغريه هذا التمكين بالأشر والبطر والعلو والفساد ، وإنما يزيده قوة في دين الله وتمسكا به ؛
الوصف الأول : { الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة } [ الحج : 41 ] ، والتمكين في الأرض لا يكون إلا بعد تحقيق عبادة الله وحده كما قال تعالى : { وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا } [النور : 55 ] ، فإذا قام العبد بعبادة الله مخلصا له في أقواله وأفعاله لا يريد بها إلا وجه الله والدار الآخرة , ولا يريد بها جاها ولا ثناء من الناس ولا مالا ولا شيئا من الدنيا ، واستمر على هذه العبادة المخلصة في السراء والضراء والشدة والرخاء مكن الله له في الأرض , وإذن فالتمكين في الأرض يستلزم وصفا سابقا عليه وهو عبادة الله وحده لا شريك له وبعد التمكين والإخلاص يكون ؛
الوصف الثاني : وهو إقامة الصلاة بأن يؤدي الصلاة على الوجه المطلوب منه قائما بشروطها وأركانها وواجباتها , وتمام ذلك القيام بمستحباتها , فيحسن الطهور , ويقيم الركوع والسجود والقيام والقعود , ويحافظ على الوقت وعلى الجمعة والجماعات , ويحافظ على الخشوع وهو حضور القلب وسكون الجوارح , فإن الخشوع روح الصلاة ولبها , والصلاة بدون خشوع كالجسم بدون روح ، وعن عمار بن ياسر رضي الله عنه قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : « إن الرجل لينصرف وما كتب له إلا عشر صلاته تسعها ثمنها سبعها سدسها خمسها ربعها ثلثها نصفها » .
الوصف الثالث : إيتاء الزكاة { وآتوا الزكاة } بأن يعطوها إلى مستحقيها طيبة بها نفوسهم كاملة بدون نقص يبتغون بذلك فضلا ورضوانا ، فيزكون بذلك أنفسهم ، ويطهرون أموالهم ، وينفعون إخوانهم من الفقراء والمساكين وغيرهم من ذوي الحاجات , وقد سبق بيان مستحقي الزكاة الواجبة في المجلس السابع عشر .
الوصف الرابع : الأمر بالمعروف { وأمروا بالمعروف} والمعروف : كل ما أمر الله به ورسوله من واجبات ومستحبات , يأمرون بذلك إحياء لشريعة الله وإصلاحا لعباده واستجلابا لرحمته ورضوانه , فالمؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا , فكما أن المؤمن يحب لنفسه أن يكون قائما بطاعة ربه فكذلك يجب أن يحب لإخوانه من القيام بطاعة الله ما يحب لنفسه .
والأمر بالمعروف عن إيمان وتصديق أن يكون قائما بما أمر به عن إيمان واقتناع بفائدته وثمراته العاجلة والآجلة .
الوصف الخامس : النهي عن المنكر { ونهوا عن المنكر } , والمنكر كل ما نهى الله عنه ورسوله من كبائر الذنوب وصغائرها مما يتعلق بالعبادة أو الأخلاق أو المعاملة ، ينهون عن ذلك كله صيانة لدين الله وحماية لعباده واتقاء لأسباب الفساد والعقوبة .
فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر دعامتان قويتان لبقاء الأمة وعزتها ووحدتها حتى لا تتفرق بها الأهواء وتتشتت بها المسالك , ولذلك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من فرائض الدين على كل مسلم ومسلمة مع القدرة { ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم } [ آل عمران : 104 - 105 ] ، فلولا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لتفرق الناس شيعا ، وتمزقوا كل ممزق كل حزب بما لديهم فرحون ، وبه فضلت هذه الأمة على غيرها { كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله } [ آل عمران : 110 ] ، وبتركه { لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون } [ المائدة : 78 - 79 ] ، فهذه الأوصاف الخمسة متى تحققت مع القيام بما أرشد الله إليه من الحزم والعزيمة وإعداد القوة الحسية حصل النصر بإذن الله " .
قلت : وأخرج أبو داود في " سننه " (3462) ، وغيره عن ابن عمر قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إذا تبايعتم بالعينة وأخذتم أذناب البقر ورضيتم بالزرع وتركتم الجهاد سلط الله عليكم ذلا لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم " . وهو حديث صحيح ، صححه جمع من أهل الحديث .
بين لنا النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الحديث أن السبب الرئيسي في وقوعنا في الذل ، وتكالب الأمم علينا ؛ هو ركوننا إلى الدنيا والانشغال بها عن الآخرة وعدم المبالات بأوامر الله ، وتعطيل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ؛ مما سبب انتشار الفواحش والمنكرات في مجتمعاتنا ؛ الأمر الذي أوصلنا إلى الحال الذي نحن عليه اليوم.
ويوضّح لنا هذا المعنى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب في الأثر الذي أخرجه الحاكم في " مستدركه " (1/103 العلمية ) عن طارق بن شهاب أنه قال : خرج عمر بن الخطاب إلى الشام و معنا أبو عبيدة بن الجراح فأتوا على مخاضة و عمر على ناقة له فنزل عنها و خلع خفيه فوضعهما على عاتقه و أخذ بزمام ناقته فخاض بها المخاضة ، فقال أبو عبيدة : يا أمير المؤمنين أنت تفعل هذا تخلع خفيك و تضعهما على عاتقك و تأخذ بزمام ناقتك و تخوض بها المخاضة ما يسرني أن أهل البلد استشرفوك فقال عمر : أوه لم يقل ذا غيرك أبا عبيدة جعلته نكالا لأمة محمد صلى الله عليه و سلم إنا كنا أذل قوم فأعزنا الله بالإسلام فمهما نطلب العز بغير ما أعزنا الله به أذلنا الله " .
فماذا سيفعل الله بأمة طلبت العزة بالديمقراطية ، والشيوعية ، والحزبية ، والرأسمالية، وغير ذلك من سبل الفساد ؟!
وأخرج سعيد بن منصور بإسناد صحيح عن جبير بن نفير قال : لما فتحت مدائن قبرص وقع الناس يقتسمون السبي ويفرقون بينهم ويبكي بعضهم على بعض فتنحى أبو الدرداء ثم احتبى بحمائل سيفه فجعل يبكي ، فأتاه جبير بن نفير فقال : ما يبكيك يا أبا الدرداء ؟ أتبكي في يوم أعز الله فيه الإسلام وأهله ؟ وأذل فيه الكفر وأهله ؟! فضرب على منكبيه ثم قال : ثكلتك أمك يا جبير بن نفير ما أهون الخلق على الله إذا تركوا أمره، بينا هي أمة قاهرة ظاهرة على الناس لهم الملك ؛ حتى تركوا أمر الله فصاروا إلى ما ترى ؛ وإنه إذا سُلِّط السباء على قوم فقد خرجوا من عين الله ليس لله بهم حاجة .
فما أهوننا على الله إذ ضيعنا أمره ، وما أهوننا على الله إذ صار كل أمر في حياتنا أولى وأهم من أمره ، وما أهوننا على الله إذ صارت فرائضه وأوامره نوافل عندنا نتذكرها إذا فرغنا من كل ما هو أهم منها ، فإنا أخرنا نصره فأخّر نصرنا .
فمن أراد النصر بصدق فليبادر إلى التوبة وإصلاح نفسه أولاً ثم يشتغل بإصلاح الآخرين ؛ عسى الله أن ينفع به الإسلام والمسلمين .
واعلم أنه لن ينفعك أن تأخذ ببعض الدين الذي يوافق هواك وتترك بعضه الذي لا يوافق هواك ؛ مفرّقاً بين اللب والقشور في زعمك ؛ بل دين الله كله لب ، وكله مطلوب مأمور به ؛ قال تعالى : { يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة } ، أي : ادخلوا في جميع جوانب الإسلام .
وإذ علمت ذلك ؛ فاحكم أنت على من قال في الخميني رأس الكفر إنه الأب الروحي لدعوتنا ، ومن قال : لا يضرّني أن يتشيّع أهل بلادي ، ومن قال : نحن لا نجبر النساء على الحجاب ؛ إذ لا إكراه في الدين ؛ هل سينصر الله أمثال هؤلاء ؟!
وأسأل الله أن يردّ المسلمين إلى دينهم ردّاً جميلاً وأن ينصرهم ويثبّتهم وأن يصبر أهل غزة على مصابهم وأن يربط على قلوبهم .

المصدر من هنا

الخروج على الولاة لإنكار المنكر

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد ؛
فقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله
:
" ... ولهذا لا يجوز إنكار المنكر بما هو أنكر منه ؛ ولهذا حرم الخروج على ولاة الأمر بالسيف ؛ لأجل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ؛ لأن ما يحصل بذلك من فعل المحرمات وترك واجب أعظم مما يحصل بفعلهم المنكر والذنوب .
وإذا كان قوم على بدعة أو فجور ولو نهوا عن ذلك وقع بسبب ذلك شر أعظم مما هم عليه من ذلك ولم يمكن منعهم منه ولم يحصل بالنهي مصلحة راجحة لم ينهوا عنه .
 بخلاف ما أمر الله به الأنبياء وأتباعهم من دعوة الخلق ؛ فإن دعوتهم يحصل بها مصلحة راجحة على مفسدتها كدعوة موسى لفرعون ونوح لقومه فإنه حصل لموسى من الجهاد وطاعة الله وحصل لقومه من الصبر والاستعانة بالله ما كانت عاقبتهم به حميدة وحصل أيضا من تغريق فرعون وقومه ما كانت مصلحته عظيمة .
 وكذلك نوح حصل له ما أوجب أن يكون ذريته هم الباقين وأهلك الله قومه أجمعين فكان هلاكهم مصلحة . 

فالمنهي عنه إذا زاد شره بالنهي وكان النهي مصلحة راجحة كان حسنا ، وأما إذا زاد شره وعظم وليس في مقابلته خير يفوته ؛ لم يشرع إلا أن يكون في مقابلته مصلحة زائدة ، فإن أدى ذلك إلى شر أعظم منه لم يشرع ؛ مثل أن يكون الآمر لا صبر له فيؤذى فيجزع جزعا شديدا يصير به مذنبا وينتقص به إيمانه ودينه .
 فهذا لم يحصل به خير لا له ولا لأولئك ؛ بخلاف ما إذا صبر واتقى الله وجاهد ولم يتعد حدود الله بل استعمل التقوى والصبر ؛ فإن هذا تكون عاقبته حميدة .
وأولئك قد يتوبون فيتوب الله عليهم ببركته وقد يهلكهم ببغيهم ويكون ذلك مصلحة كما قال تعالى : { فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين }" . مجموع الفتاوى ( 14/ 472-473 ) . والله أعلم

المصدر من هنا